Mr. Rachid Mteini

يشير مصطلح الشتات اللبناني أو الانتشار اللبناني أو الاغتراب اللبناني إلى المهاجرين اللبنانيين والمتحدرين منهم والذين هاجروا من لبنان طواعية أو كُرها ويقيمون الآن في بلدان أخرى. فقد وصلت هذه الهجرة التي بدأت طلائعها في العام 1854 إلى أوجّها إبّان الحرب اللبنانية في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وتصاعدت دراماتيكياً بعد 17 تشرين الأول 2019.
ولكن مع الأسف، إن هذا المحنى قد طال بالدرجة الأولى فئة الشباب والمبدعين الذين أظهروا كفاءة عالية أينما حلّوا في أصقاع هذا العالم وتبوأوا أرقى المناصب في الشركات والحكومات عالمياً ولمع نجمهم في مجالات التكنولوجيا والطب والفن والسينما والثقافة، كل ذلك في ظل غياب تام للاهتمام بهم أو متابعة شؤونهم من قِبل الرؤساء والحكومات المتعاقين على الحكم في لبنان، واقتصر هذا الأمر فقط على بعض الهيئات أو التجمّعات أو المبادرات الخاصة التي تلعب دوراً أساساً في ربطهم بوطنهم على مختلف الصعد الفكرية والاقتصادية.
يعيش لبنان اليوم، أسوأ الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية التي لفحت العالم على مرّ العصور، غير أن الانتشار اللبناني لا يزال هو الوحيد الذي يمدّ يد المساعدة إلى أهلنا في الوطن ليصبح الرئة الوحيدة التي يتنفس من خلالها جزء لا يُستهان به من الشعب في ظل تخلّي الجميع عنه.
نحن متأكدون أن هذا الانتشار سوف يواصل نجاحاته في مختلف الأنشطة الفكرية والاقتصادية والثقافية وغيرها .. مستمداً قوته من جذوره وبالعودة إلى أصالته وحبّه لوطن الأرز الذي لن يستبدله بأي وطن آخر.
إن الشباب اللبناني المنتشر في مختلف أرجاء هذا الكوكب، مصرّ اليوم أكثر من أي وقت مضى على بذل ما باستطاعته لمدّ يد العون إلى أهله والمحافظة على هويته اللبنانية وعلى تاريخه المليء بالفخر والإنجازات على الرغم من كل الظروف الصعبة الاستثنائية التي يمرّ بها منذ تأسيسه وحتى قبل ذلك.
أملنا كبير بأن هذا الانتشار سوف يصمد في وجه كل التحديات ويحوّالها إلى فرص مجدية تعود بالنفع على هذا الوطن المعذّب، وسوف يبقى الصوت الصارخ في هذه البرية الشاسعة حتى يصل إلى برّ الأمان ويستعيد مجده ليكون من جديد ملتقى الحضارات والأديان.